أنواع السكر واستخداماته الصحية

عنوان المقال: أنواع السكر واستخداماته

المقدمة

السكر، ذلك المركب الأبيض الحلو الذي يتواجد في معظم الأطعمة والمشروبات التي يستهلكها الإنسان، يعد من أهم المكونات الغذائية التي لعبت دورًا محوريًا في النظام الغذائي البشري منذ آلاف السنين. وعلى الرغم من بساطته الظاهرية، فإن السكر هو مادة معقدة كيميائيًا واقتصاديًا وصحيًا، تتشابك فيها العلوم البيولوجية والكيميائية والزراعية والغذائية، إضافة إلى تأثيراته الاجتماعية والثقافية الواسعة. فبينما ينظر إليه البعض كعنصر ضروري لتوليد الطاقة وتحسين نكهة الطعام، يحذّر منه آخرون باعتباره سببًا رئيسيًا في العديد من الأمراض المزمنة كالسمنة والسكري وأمراض القلب.

تاريخيًا، مر إنتاج السكر وتجارته بتطورات كبرى غيرت مجرى الحضارات، إذ كانت زراعته واستخراجه سببًا في نشوء مستعمرات، وتغيرات اقتصادية، وصراعات سياسية. أما في العصر الحديث، فقد أصبح السكر عنصرًا صناعيًا بامتياز، يدخل في صناعة المواد الغذائية بشكل شبه دائم، ويُشتق من مصادر نباتية مختلفة أهمها قصب السكر وبنجر السكر. وقد أدى ذلك إلى تفرّع أنواعه وتعدد طرق تصنيعه واستخدامه في مجالات شتى، ليس فقط في الغذاء، بل أيضًا في الصناعات الدوائية والتجميلية والكيميائية.

يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة موسعة وشاملة حول السكر، من حيث تركيبه الكيميائي، مصادره، أنواعه، طرق تصنيعه، استخداماته المختلفة، آثاره الصحية، وصولًا إلى أهم التوصيات العلمية المتعلقة بتناوله، مع عرض جداول مقارنة توضح الاختلافات الجوهرية بين أبرز أنواع السكر الطبيعي والصناعي.

التركيب الكيميائي للسكر

السكر هو اسم شائع يطلق على مجموعة من الكربوهيدرات التي تمتاز بطعمها الحلو، وتُصنَّف كيميائيًا إلى سكريات أحادية وثنائية وعديدة. ومن أشهر السكريات الأحادية نذكر الغلوكوز والفركتوز والغلاكتوز، وهي سكريات بسيطة تتكون من وحدة واحدة من الكربون والهيدروجين والأكسجين. أما السكريات الثنائية، فهي ناتجة عن اتحاد جزيئين من السكريات الأحادية، مثل السكروز (الغلوكوز + الفركتوز) واللاكتوز (الغلوكوز + الغلاكتوز) والمالتوز (الغلوكوز + الغلوكوز).

السكروز، والذي يُعرف عامةً بالسكر الأبيض، هو أكثر أنواع السكر شيوعًا في الاستهلاك البشري. صيغته الكيميائية هي C₁₂H₂₂O₁₁، وهو عبارة عن ثنائي سكريد يتفكك داخل الجسم إلى جلوكوز وفركتوز ليتم امتصاصهما في مجرى الدم.

مصادر السكر الطبيعية

1. قصب السكر

أحد أقدم المصادر الزراعية لاستخراج السكر، ويُزرع بشكل رئيسي في المناخات الاستوائية وشبه الاستوائية مثل البرازيل والهند وتايلاند. يُستخلص السكر من عصير القصب بعد سحقه وغليه وتكريره.

2. بنجر السكر

يُزرع في المناخات الباردة نسبيًا، ويُستخدم على نطاق واسع في أوروبا والولايات المتحدة. يتميز بنجر السكر بأنه ينتج سكرًا ذا نقاوة عالية وبكميات كبيرة.

3. الفواكه والعسل

تحتوي معظم الفواكه على الفركتوز والغلوكوز بنسب متفاوتة، كما يُعتبر العسل الطبيعي مصدرًا غنيًا بمزيج من السكريات الأحادية بالإضافة إلى مركبات غذائية مفيدة.

أنواع السكر

طرق تصنيع السكر

تختلف خطوات تصنيع السكر بحسب المصدر المستخدم. في حالة قصب السكر، تبدأ العملية بسحق القصب لاستخراج العصير، ثم يُغلى العصير ويُرشح لإزالة الشوائب، وبعدها يُركّز ويُبلور لاستخراج السكر الخام، الذي يُكرّر لاحقًا لإنتاج السكر الأبيض النقي. أما بنجر السكر، فتمر العملية بخطوات مشابهة ولكن بتقنيات مختلفة في مرحلة الاستخلاص الكيميائي.

في كلا الحالتين، يُستخدم عدد كبير من المعدات الصناعية والمواد الكيميائية (مثل الجير وثاني أكسيد الكبريت) لضمان النقاوة وإزالة الشوائب، ما يجعل من صناعة السكر أحد فروع الصناعات الكيميائية المتقدمة.

استخدامات السكر

1. في الغذاء

• التحلية: في المشروبات الغازية، الشاي، القهوة، الحلويات.

• الخَبز: لتحفيز عملية التخمير عبر تغذية الخمائر.

• الحفظ: يستخدم في صناعة المربيات والمعلبات لمنع نمو البكتيريا.

2. في الصناعات الدوائية

يُضاف السكر كمادة حافظة ومحسنة للطعم في الأدوية، خصوصًا شرابات الأطفال والمضادات الحيوية.

3. في الصناعات التجميلية

يُستخدم في مستحضرات التقشير، وصناعة أقنعة الوجه، بفضل خصائصه المقشرة والمرطبة.

4. في الوقود الحيوي

قصب السكر يُستخدم في إنتاج الإيثانول الحيوي كمصدر بديل للطاقة.

الآثار الصحية لاستهلاك السكر

رغم أن السكر يعتبر مصدرًا سريعًا للطاقة، إلا أن الإفراط في تناوله مرتبط بالعديد من المشكلات الصحية الخطيرة:

1. السمنة

زيادة استهلاك السعرات الحرارية من السكر، خصوصًا في المشروبات المحلاة، تؤدي إلى تراكم الدهون في الجسم.

2. السكري من النوع الثاني

ترتبط النظم الغذائية الغنية بالسكر برفع مقاومة الإنسولين وزيادة خطر الإصابة بالسكري.

3. أمراض القلب

تشير دراسات إلى أن الأنظمة الغذائية عالية السكر تزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب بسبب تأثيرها السلبي على مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول.

4. تسوس الأسنان

يُعتبر السكر الغذاء الأساسي للبكتيريا المسببة لتسوس الأسنان، خاصة عند غياب النظافة الفموية.

5. الالتهابات المزمنة

يزيد السكر من الالتهابات الخلوية التي تساهم في تطور العديد من الأمراض المزمنة كالألزهايمر والتهاب المفاصل.

البدائل الصحية للسكر

مع تزايد الوعي الصحي، بدأ الناس في البحث عن بدائل طبيعية وصناعية للسكر، مثل:

• ستيفيا: نبات طبيعي لا يحتوي على سعرات حرارية.

• الإريثريتول: كحول سكري منخفض السعرات ولا يسبب تسوس الأسنان.

• الأسبرتام والسكرالوز: محليات صناعية تستخدم على نطاق واسع في المنتجات الغذائية قليلة السعرات.

يُوصى بتقليل الاعتماد على المحليات الصناعية قدر الإمكان، والاستعاضة عنها بالمصادر الطبيعية عند الحاجة.

الإرشادات الغذائية المتعلقة بالسكر

توصي منظمة الصحة العالمية بأن لا يتجاوز استهلاك الفرد من السكريات المضافة 10% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية، ويُفضل أن يكون أقل من 5% لتحقيق فوائد صحية إضافية. هذا يعني أن الشخص البالغ الذي يحتاج إلى 2000 سعرة حرارية يوميًا يجب ألا يستهلك أكثر من 25 إلى 50 غرامًا من السكر المضاف يوميًا.

أثر السكر على الجهاز العصبي والسلوك

تشير الدراسات إلى أن السكر يؤثر على الدماغ من خلال تنشيط مركز المكافأة عبر الدوبامين، وهو ما يفسر الإحساس بالمتعة بعد تناول الحلويات. ومع ذلك، فإن الإفراط في هذه العادة قد يؤدي إلى نوع من “الإدمان السلوكي”، شبيه بتأثير المواد المخدرة، مما يؤدي إلى الرغبة المستمرة في استهلاك السكر، وبالتالي مشاكل صحية ونفسية طويلة الأمد.

الخاتمة

السكر ليس مجرد مادة غذائية، بل هو عنصر يتقاطع مع الاقتصاد والتاريخ والثقافة والطب. يتطلب التعامل معه وعيًا عميقًا بطبيعته الكيميائية وتأثيره البيولوجي، وبخاصة في عالمنا الحديث الذي تكثر فيه الأطعمة المصنعة والمشروبات المحلاة. ورغم ضرورته في بعض السياقات، فإن الإفراط في استهلاكه يطرح تحديات صحية خطيرة على الفرد والمجتمع.

المراجع:

1. World Health Organization. (2015). Guideline: Sugars intake for adults and children. WHO.

2. Harvard T.H. Chan School of Public Health – Nutrition Source. “The Sweet Danger of Sugar”.